مشروع الضبعة هو أضخم مشروع فى تاريخ مصر، وتنبع أهميته من كونه يشمل توطين تكنولوجيا المفاعلات النووية فى المصانع المصرية وإنتاج الكهرباء، وفى حالة توطين تكنولوجيا المفاعلات النووية فى المصانع المصرية فهذا يضمن الارتقاء بالصناعات المصرية الى الجودة العالمية، بالإضافة إلى أن التنمية المستدامة تحتاج الى طاقة كهربائية مستمرة ونظيفة ورخيصة وآمنة، وهو ما نجده فى المفاعلات النووية.
* كيف تتم عملية توليد الطاقة النووية؟
الطاقة النووية ممكن تكون طبيعية فى صورة أشعة مثل “ألفا وبيتا وجاما”، وهى نتيجة تحلل العناصر الغير مستقرة “النظائر” بهدف الوصول لحالة الاستقرار، وتستخدم هذه النظائر فى مجالات تطبيقية عديدة، مثل الطب والزراعة والصناعة والكيمياء والهندسة الوراثية.. إلخ.
الطاقة النووية ممكن تكون صناعية، فهناك ذرات ثقيلة غير مستقرة يمكن شطرها لذرتين، مثل اليورانيوم 235، وينتج عن ذلك طاقة حرارية، وهى ما تسمى بطاقة الانشطار النووى، وتستخدم فى مفاعلات الماء الخفيف المغلى ومفاعلات الماء الخفيف المضغوط لتوليد الحرارة، ومنها يتم توليد بخار يستخدم فى إنتاج كهرباء.
وهناك ذرات خفيفة مثل الهيدروجين ونظائره يمكن دمجها مع بعض، وينتج عن ذلك طاقة حرارية، وهى ما تسمى بطاقة الاندماج النووى.
هناك اندماج نووى طبيعى، كما يحدث فى الشمس، ويتم عن طريق دمج 4 ذرات هيدروجين، وهناك اندماج نووى صناعى، يتم عن طريق دمج ذرتين من نظائر الهيدروجين “ديتوريوم، وتريتيوم”، وهناك مفاعل تجريبى دولى فى فرنسا المفاعل النووى الحرارى التجريبى الدولى، ومن المنتظر أن تصبح مفاعلات الاندماج النووى ضمن مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية عام 2035.
*موعد تسليم محطة الضبعة وقدرتها الاستيعابية على إنتاج الكهرباء؟
العمل حاليا يجرى على قدم وساق للانتهاء من تقرير الأمان الأول وإجازته والموافقة عليه من هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية، ثم يبدأ وضع الصبة الخرسانية الأولى لبناء أول مفاعل نووى فى مصر فى موقع الضبعة، ومن المنتظر أن تتم فى منتصف عام 2022.
يستمر البناء والتركيبات حوالى 56 شهراً، ثم تتم اختبارات تشغيل المحطة، ثم يبدأ التشغيل التجارى للمحطة، ومن المنتظر أن يبدأ التشغيل التجارى لأول محطة نووية فى عام 2027.
محطة الضبعة النووية تضم 4 مفاعلات نووية روسية الصنع من نوع VVER-1200، من الجيل الثالث مطور، قدرة المفاعل الواحد 1200 ميجاوات، وبذلك يكون إجمالى القدرة الكهربائية المنتجة من محطة الضبعة 4800 ميجاوات.
*مراحل إنشاء محطة الضبعة النووية من دراسات الموقع حتى تكهين المحطة بعد انتهاء عمرها الافتراضى؟
بدأت دراسات موقع الضبعة عام 1981، واستمرت الدراسات لمدة عامين دون انقطاع. الدراسات التى تمت هى دراسات جيولوجية ومياه جوفية، ودراسات بحرية، ودراسات جوية، ودراسات بيئية، نتيجة توقف مشروع محطة الضبعة لمدة طويلة، فكان لابد من تحديث هذه الدراسات، وتم إضافة الدراسات الزلزالية فى محيط موقع الضبعة.
دراسات موقع الضبعة ارسلت إلى هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية، وبعد توقيع عقد بناء 4 مفاعلات نووية مع شركة “روس أتوم” الروسية، إجازت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية هذه الدراسات وصدر “إذن قبول” موقع الضبعة.
الآن تقوم هيئة الرقابة النووية والإشعاعية بمراجعة ودراسة “تقرير الأمان الأولى”، وبعد الموافقة على التقرير، ستقوم الهيئة باصدار “إذن بدء الإنشاءات”، والمقدر له منتصف عام 2022.
بعد بناء المحطة يصدر إذن ببداية اختبارات المحطة، ثم إذن بتحميل الوقود النووية، وبعد نجاح اختبارات بدء التشغيل، تصدر هيئة الرقابة النووية والإشعاعية رخصة تشغيل المحطة لمدة 60 عاما.
بعد انتهاء مدة الـ 60 عاما، تدرس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية حالة المحطة الفنية، إذا كانت حالتها الفنية ممتازة، تصدر رخصة جديدة لتمديد تشغيل المحطة تتراوح بين 20 سنة إلى 40 سنة، وبعدما تصبح حالة المحطة النووية الفنية لا تصلح للتشغيل، تصدر هيئة الرقابة النووية والإشعاعية، رخصة فك وتكهين وإزالة المحطة، وإرجاع حال موقع المحطة إلى ما كان عليه قبل بناء المحطة.
*هل مصر كدولة من ناحية الكوادر تستطيع تشغيل وصيانة المحطة النووية؟
العقلية المصرية من أرقى وأقوى وأذكى العقليات على مستوى العالم، فهى المسيطرة على المجال النووى فى أمريكا وكندا، وفى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالإضافة إلى امتلاك مصر العديد من الجامعات تغطى جميع التخصصات، ومصر دولة صناعية، وتمتلك كوادر فنية واقتصادية وقانونية على مستوى عالمى.
الكوادر المصرية هى التى تقوم بتشغيل وصيانة محطات توليد الكهرباء ومعامل تكرير البترول والطائرات الحربية والمدنية ومصانع البتروكيماويات والأسمدة والأسمنت، وخلافه.
*حدثنا عن المخاطر الخارجية التي تواجه المحطة النووية؟
المخاطر الخارجية التى تواجه المحطة النووية، تعتبر هامة جدا، فعندما يتطلب الأمر إثبات سلامة المحطة النووية، فلابد من النظر في عواقب جميع التهديدات المحتملة، بما فى ذلك المخاطر الخارجية التى هى من صنع الطبيعة، مثل الطقس القاسى والفيضانات والزلازل والتسونامى والأعاصير، أو من المخاطر التى هى من صنع الإنسان، مثل سقوط طائرة على مبنى وعاء احتواء المفاعل، أو سقوط قذائف صاروخية أو حرائق، وخلافه.
عادةً ما يتم تصميم المحطة لتحمل مستوى محدد من الزلازل (فى محطة الضبعة 8 ريختر)، ومن عجلة التسارع الزلزالية للأرض (فى محطة الضبعة 0.25 g) أو الفيضانات أو التسونامى، وخلافه.
عند تصميم المحطة النووية، يتم الأخذ فى الاعتبار جميع هذه التهديدات، ويتم تصميمها بالطريقة التى تقى المحطة النووية
من هذه التهديدات، وكذلك وسائل الحماية الكافية لمجابهة هذه التهديدات.
*فائدة ربط المحطة النووية بالضبعة على الشبكة الموحدة لكهرباء مصر؟
هناك إرادة قوية لتحويل منظومة الطاقة الكهربائية التقليدية إلى منظومة ذكية، والمنظومة الذكية تشمل محطات التوليد المختلفة، وشبكة نقل الكهرباء وملحقاتها، وشبكة التوزيع وملحقاتها، وعدادات المشتركين.
المحطات النووية ستكون العمود الفقرى لشبكة الكهرباء الموحدة، فهى البديل الوحيد للمحطات التى تعمل بالغاز الطبيعى أو السولار أو المازوت (محطات تعمل بالوقود الأحفورى).
وهناك ميزة رئيسية فى المحطات النووية وهى أنها تعمل 93% من عدد ساعات السنة، بينما المحطات التى تعمل بالوقود الأحفورى تعمل 56% من عدد ساعات السنة، وبذلك فإن أحمال الشبكة الأساسية سوف تعتمد على المحطات النووية، ويعتبر ذلك عصب التنمية المستدامة.
المحطات النووية هى محطات ذكية بطبيعتها، فلن تحتاج مبالغ مالية أو وقت من الزمن لتحويلها لمحطة ذكية، لكنها ستدعم مباشرة تحديث نظام الطاقة، وعن طريقها سيزداد استخدام المعلومات الرقمية وتكنولوجيا الضوابط لتحسين موثوقية وأمن وكفاءة الشبكة الكهربائية، مع الأمن السيبراني الكامل، كما أنها ستعمل على تحسين ديناميكية عمليات الشبكة ومواردها، وبذلك نستطيع أن نقول أن محطة الضبعة النووية سوف تحافظ على بنية تحتية قوية للمنظومة الذكية، فهى ذات موثوقية وآمنة ونظيفة، وهى مصدر الطاقة الأكثر أهمية لتلبية نمو الطلب على الطاقة الكهربائية الذكية فى المستقبل.
*لماذا تم اختيار موقع الضبعة على وجه التحديد لإنشاء المحطة؟
من أهم الشروط لاختيار موقع المحطة النووية، هو أن يقع على مياه مفتوحة مثل البحار والمحيطات والأنهار الكبيرة، لاحتياج محطة الطاقة النووية لمياه تبريد وبكميات كبيرة.
هناك مواقع كثيرة فى مصر تلبى هذا الشرط، وهى على سواحل البحر الأحمر، وخليج السويس والبحر الأبيض المتوسط.
وهناك شروط أخرى لاختيار موقع مناسب، ومنها أن يكون بعيدا عن حزام الزلازل، وبعيدا عن الفوالق بمسافة لا تقل عن 10 كيلومتر، ويقع فى منطقة قليلة الكثافة السكانية.
موقع الضبعة يفى بجميع الشروط الواجب توافرها فى موقع مثالى للمحطة النووية. وبناء على الدراسات التى أجريت تم اختيار موقع الضبعة.
وهناك مواقع أخرى على الساحل الشمالى غرب موقع الضبعة، منها موقع النجيلة.
*عامل الأمان في محطة الضبعة النووية.. كيف سيكون خاصة وأن البعض متخوف من خطر وقوع الكوارث في المنشاَت النووية كحادث “تشيرنوبل” في أوكرانيا وكارثة فوكوشيما في اليابان؟
مهمة الأمان النووى الأساسية هىمنع خروج المواد المشعة من المحطة النووية،وانتشارها فى البيئة المحيطة، كى لا تسبب ضررا للبيئة وللإنسان والحيوان والنباتات وخلافه، سواء أثناء التشغيل العادى أو أثناء الحوادث.
الحوادث النووية الثلاث التى حدثت، كانت متشابهة، وهى انصهار قلب المفاعل، وهى فى محطة ثرى مايل آيلاند بأمريكا عام 1979، وتشرنوبل بأوكرانيا عام 1986، وفوكوشيما باليابان عام 2011.
نظرا لوجود وعاء احتواء لمحطة ثرى مايل آيلاند، فلم تخرج المواد المشعة من وعاء الاحتواء للبيئة المحيطة، وظلت فقاعة الهيدروجين داخل وعاء الاحتواء ولم تنفجر بتلامسها مع الأكسجين، ولذلك فقد قام الرئيس الأمريكى “كارتر” بزيارة المحطة بعد أربعة أيام من وقوع الحادثة، وتجول داخل المحطة وداخل غرفة التحكم.
أما ما حدث فى محطة تشرنوبل وفوكوشيما من انفجارات وحرائق نتيجة اشتعال الهيدروجين، فسببه أن هذه المحطات لم تكن داخل وعاء احتواء مصمم لاحتواء ومجابهة الحوادث، ولكنه كان مبنى خرسانيا عاديا، يتكون هيكله من أعمدة خرسانية وكمرات خرسانية وحوائط، ولذلك لم تتحمل الحوائط انفجار الهيدروجين وتهدمتوخرجت المواد المشعة للبيئة المحيطة.
المفاعلات النووية من الجيل الثالث والجيل الثالث مطور مثل مفاعلات الضبعة، موجودة داخل وعاء احتواء يتحمل زلزال بقدرة 8 ريختر، وسقوط طائرة محملة بالركاب والبضائع، والفيضانات المدمرة والسونامى والأعاصير، وتحت وعاء الضغط يوجد “لاقط لقلب” المفاعل المنصهر، وهذا يؤكد لنا أن المواد المشعة لن تخرج للبيئة، حتى وإن حدث انصهار لقلب المفاعل.
*هل هناك مخاوف على الأهالي الذين يسكنون بالقرب من محطة الضبعة النووية؟
لا يوجد خوف على أهالى مركز الضبعة من تشغيل المحطة أو من حدوث حادثة بالمحطة، فالمحطة محمية داخل وعاء الاحتواء.
أثناء تشغيل المحطة النووية تنتج كميات صغيرة جدا من الغازات والسوائل المشعة، فضلاً عن كميات صغيرة من الإشعاع المباشر. إذا كنت تعيش بجوار محطة الضبعة النووية، فستتلقى جرعة إشعاع سنوية تبلغ حوالى 0.01 مللى ريم.
ولوضع هذا فى المنظور الصحيح، نجد أن الشخص العادى يتلقى جرعة سنوية حوالى 350 مللى ريم من إشعاع الطبيعة المحيطة به “إشعاع الخلفية الطبيعية”، ويتعرض لجرعة إشعاعية سنوية من الأكل والشرب مقدارها 30 ملى ريم.
علماً بأن الجرعة الإشعاعية التى تسبب السرطان مقدارها 10 آلاف مللى ريم، وهو ما لم يحدث بسبب المحطات النووية، سوى مرة واحدة فى حادثة “تشرنوبيل” فى أوكرانيا عام 1986.
*ما رأيك في التجربة الألمانية في مجال الطاقة النووية.. ولماذا حاولت التخلص من مفاعلاتها النووية ؟
السياسة لها دخل كبير فى موضوع المحطات النووية، وموضوع ألمانيا والمحطات النووية هو موضوع سياسى بحت، وبدأ مع تزعم حزب الخضر المعارض فى ألمانيا برئاسة “يوشكا فيشر”، وكان نائبالمستشار ألمانيا (1998-2005).
لكن من ناحية الأمان النووى ومع جودة التكنولوجيا النووية الألمانية، كانت المحطات النووية الألمانية الأولى على مستوى العالم.
ألمانيا أوقفت المحطات النووية التى انتهى عمرها التشغيلى فقط، كما أنها توقفت عن بناء محطات نووية جديدة، لكن
لازال هناك 6 مفاعلات نووية فى الخدمة، وتولد قدرات كهربائية مقدارها 8.2 جيجاوات كهربى.
ألمانيا تشارك دول كثيرة فى أبحاث مفاعل الاندماج النووى ITER فى فرنسا، وسوف تمتلك مفاعلات اندماج نووى لتوليد الكهرباء حين نجاح تجارب تشغيلها تجارياً.
*حدثنا عن الفرق بين الطاقة النووية والطاقات الاَخرى؟
هناك مصادر أحفورية وهى البترول والغاز الطبيعى والفحم، وهناك مصادر متجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة المياه والكتلة الحيوية وحرارة باطن الأرض وطاقة المد والجزر وطاقة أمواج البحار، وهناك طاقة نووية مثل طاقة الانشطار النووى وطاقة الاندماج النووى.
مصادر الطاقة الأحفورية هى السبب الرئيسى فى التلوث الذى تعيشه البشرية من انبعاث الغازات الدفيئة وسبب تغير المناخ، وهى مصادر ليست متجددة.
المصادر المتجددة والطاقة النووية هى مصادر طاقة نظيفة، لكن مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح هى مصادر متقطعة فى توليدها للكهرباء، فعندما تتواجد الشمس وتتواجد الرياح تتولد طاقة كهربائية.
محطات الطاقة المتجددة (شمسية ورياح) تعمل أقل من 30% من عدد ساعات السنة، ومحطات الطاقة الأحفورية تعمل 56% من عدد ساعات السنة، والمحطات النووية تعمل 93% من عدد ساعات السنة.
*هل يمكن إنتاج قنبلة نووية من محطات الطاقة النووية السلمية أم أن هذا يختلف عن ذاك.. خاصة وأن الملف النووي الإيراني أثار الجدل بهذا الشأن؟
الوقود النووى الجديد والخاص بالمفاعل النووى، والذى يعمل بالماء الخفيف، نسبة التخصيب هى من 2% إلى 5% من اليورانيوم 235 القابل للانشطار، والوقود النووى المحترق الخارج من المفاعل بعد تشغيله لمدة سنة، يتواجد به نسبة من عنصر البلوتونيوم، ويمكن إعادة معالجة هذا الوقود لاستخراج اليورانيوم 235 واليورانيوم 238 والبلوتونيوم 239.
القنبلة النووية تحتاج وقوداً نووياً مخصب بنسبة أعلى من 90%، سواء من مادة اليورانيوم 235 أو البلوتونيوم 239.
إيران تقوم بتخصيب اليورانيوم فى مواقع “نتانز” و “فوردو”، حتى الآن إيران وصلت إلى نسبة تخصيب 63%، وعندما تصل نسبة التخصيب إلى 90% تكون قد امتلكت الوقود النووى لصناعة قنبلة نووية.
المفاعل النووى لا ينفجر مثل القنبلة النووية، ولكن أقصى ما يحدث فى المفاعل النووى هو انصهار الوقود النووى.
*كيف اكتفت مصر من الطاقة بل وهناك فائض للتصدير.. بالرغم من العجز الذي حدث في فترة من الفترات؟
وضعت مصر خطة استراتيجية لتوفير الطاقة الكهربائية، لتحقيق فائض يمكن تصديره للدول المجاورة مثل الأردن وليبيا والسودان، وداخل الخطة الاستراتيجية كانت هناك خطة عاجلة للقضاء على ظاهرة انقطاع التيار الكهربى، تمثلت فى محطات سيمنز بقدرات 14400 ميجاوات، فى البرلس وبنى سويف والعاصمة الإدارية.
الخطة الاستراتيجية تعتمد على خليط الطاقة، بمعنى تعدد مصادر الطاقة، فهى تعتمد فى مراحلها الأولى على الغاز الطبيعى والبترول والطاقة المائية وطاقة الرياح، ثم الزيادة التدريجية فى الاعتماد على طاقة الرياح مثل محطة جبل الزيت 580 ميجاواتوالطاقة الشمسية مثل محطة بنبان 1465 ميجاوات.
الخطة الاستراتيجية لخليط الطاقة حتى عام 2035، هى كالآتى، ستشارك الطاقة المتجددة بنسبة 42% والطاقة النووية بنسبة 20%.
*مستقبل الطاقة على مستوى العالم من ضمنها الطاقة النووية؟
مستقبل الطاقة الكهربائية على مستوى العالم سوف ينحصر فى الطاقة المتجددة، وعلى وجه الخصوص الطاقة الشمسية باستخدام الخلايا الكهروضوئية، مثل محطة بنبان، والطاقة النووية بنوعيها، الانشطارى والاندماج.
ومن وجهة نظرى كمتخصص، أستطيع أن أقول أن “طاقة الاندماج النووى” هى مستقبل الطاقة على مستوى العالم، ومن الأهمية بمكان أن تشارك مصر بكوادر متخصصة فى مشروع مفاعل الاندماج البحثى الدولى ITER، فى فرنسا، لما له من أهمية عظيمة لمصر فى مواكبة ركب تكنولوجيا المستقبل.
*مشاركتنا مع روسيا في مجال إنتاج الكهرباء.. أوجه الاستفادة المتبادلة وهل هذا التعاون الأول بين مصر وروسيا؟
مشروع محطة الضبعة النووية ليس هو التعاون الأول بين مصر وروسيا فى مجال الطاقة، فقد سبق ذلك مجالات عديدة، مثال ذلك، قيام روسيا ببناء السد العالى (1960 – 1971) بقدرة 2100 ميجاوات، وكذلك بناء شبكة الربط الكهربائى من السد العالى إلى القاهرة على الجهد الفائق 500 كيلوفولت، كما ساهمت روسيا فى إنارة مدن وقرى الريف المصرى.
روسيا دولة عظمى ومتقدمة تكنولوجيا، ومصر فى احتياج لتوطين التكنولوجيات المتطورة فى مصانعها، سواء كانت لمهمات ومعدات محطات إنتاج الكهرباء التقليدية أو النووية.
ومع توطين التكنولوجيات الروسية فى المصانع المصرية، سوف ترتفع جودة الصناعات المصرية للجودة العالمية، وتستطيع مصر المنافسة بمنتجاتها المتطورة فى السوق العالمى، وجلب العملة الصعبة.
*حدثنا عن محطة بنبان للطاقة الشمسية بأسوان؟ وقدرتها على إنتاج الكهرباء؟
هناك نوعان من مصادر الطاقة الشمسية، مصدر حرارى، ومصدر ضوئى.
يستخدم المصدر الحرارى لتوليد الكهرباء باستخدام المرايات، وتسمى محطات طاقة شمسية حرارية، ويستخدم المصدر الضوئى فى توليد الكهرباء باستخدام الخلايا الكهروضوئية، وتسمى محطة طاقة شمسية كهروضوئية.
محطة “بنبان” بصحراء محافظة أسوان، تشغل أرض مساحتها تقارب 37 كيلومتراً مربعاً، وتعتبر من أكبر المحطات الكهروضوئية على مستوى العالم، وهى مكونة من مجموعة من المحطات الشمسية عددها 32 محطة شمسية، بقدرة اجمالية تصل إلى 1465 ميجاوات، وهذه المحطة هى أحد محطات توليد الكهرباء التى تتبع القطاع الخاص.
*هل مصر أول دولة تستخدم الطاقة الشمسية؟
مصر كانت أول دولة فى العالم تستخدم الطاقة الشمسية فى توليد الطاقة تجاريا.
فى عام 1911 قام مهندس أمريكى بتشييد محطة طاقة شمسية حرارية فى حى المعادى بالقاهرة، واستخدم المرايات لتجميع وتركيز حرارة الشمس لتسخين خزانات مليئة بالماء، بهدف توليد بخار ماء والذى بدوره يقوم بتشغيل طلمبات رافعة للمياه، والمحطة كانت قادرة على ضخ 23 متر مكعب من المياه فى الدقيقة.
*هل مصر أصبحت مصدرا لتصدير الطاقة عالميا؟
الآن أصبحت مصر لديها القدرة على تصدير الطاقة الكهربائية، ومصر تقوم حاليا بتصدير الكهرباء لكل من الأردن وليبيا والسودان.
وخلال السنوات القادمة سيتم الربط مع السعودية لتبادل الطاقة الكهربائية، وأيضا سيتم الربط مع شبكة كهرباء دول الخليج العربى والعراق، وسيتم الربط مع قبرص واليونان، ومع شبكة أوروبا.
كما أن الربط مع ليبيا سوف يمتد للربط مع دول المغرب العربى، ومنها سيتم الربط مع أسبانيا وشبكة دول أوروبا. كذلك هناك امكانية أن يمتد الربط القائم حاليا مع السودان ليشمل معظم دول أفريقيا.
إذا تمت هذه المشاريع ستكون مصر مصدرا لتصدير وتبادل الطاقة الكهربائية عالميا، وفى هذه الحالة يمكن أن تتواجد فى مصر بورصة عالمية لتدوال الطاقة الكهربائية.
*هل اتجهنا للطاقة المتجددة بعد ازدياد حالات الوفاة بسبب التلوث الناجم من حرق المصادر الأحفورية كالبترول والغاز والفحم؟
تكنولوجيا الطاقة الكهربائية فى مصر مرتبطة مع تكنولوجيا الطاقة العالمية، فمصر تستورد التكنولوجيا ولا تصنعها.
وفقاً لإحصائية منظمة الصحة العالمية، يموت كل عام حوالى 7.1 مليون شخص بسبب تلوث الهواء، وأكثر من 90٪ من هذه الوفيات ناتجة عن استخدام مصادر الطاقة الاحفورية “بترول وغاز وفحم”، فى الصناعة والمواصلات وتوليد الكهرباء.
إزالة الكربون أصبحت التحدى الأكبر، واستراتيجية الطاقة العالمية تتجه تدريجيا نحو الطاقة النظيفة، وبحلول عام 2050، ستكون مصادر الطاقة الكهربائية “صفر كربون”، أى لا ينتج عنها ولا ينبعث منها غازات دفيئة (أكاسيد “الكربون والكبريت والنيتروجين”)، والتى ينتج عنها مشاكل تغير المناخ.
أصبحت الطاقة المتجددة “طاقة شمسية وطاقة رياح” والطاقة النووية، هى مصادر الطاقة النظيفة المتاحة أمامنا، والتى يعول عليها.
الطاقة الكهربائية “أمن قومى”، واستراتيجية خليط الطاقة وضعت لهذا الغرض، ولا يمكن الاعتمادر على مصدر واحد من مصادر الطاقة، ووفقا لذلك لا يمكن الاعتماد على الطاقة المتجددة فقط، كما أن التوسع فى الطاقة المتجددة له حدود، تحدده التكنولوجيا والأماكن والمساحات المتاحة.
وطبقا للتكنولوجيات المتاحة، فالدراسات أكدت أن مصر تستطيع الحصول على ما مقداره 95 جيجاوات من الطاقة المتجددة (شمسية ورياح).