تقع العديد من المفاعلات والمحطات النووية على شواطئ بحار او انهار – و لا سيما محطة الضبعة النووية المصرية – فهل هناك ارتباط بين وجود المفاعل النووى او المحطة ، بجانب البحر او النهر ؟
يجيب على هذا التساؤل الدكتور يسرى أبو شادى ،خبير الطاقة النووية وكبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا ، حيث يقول ، ان المحطات التى تولد طاقة كبيرة مثل محطة الكريمات التى تستخدم الغاز الطبيعى او المحطات النووية فى الضبعة كلها تحتاج الى كمية كبيرة من المياة لتبريد البخار الذى يشغل التوربينة واعادتها مرة اخرى الى حالة سيولة ، لذلك المياة مطلوبة للتبريد واسهل وسيلة وافضلها ان يكون هناك مصدر كبير و ضخم من المياة يأخذ منه مياة باردة و يتم تحويلها الى مياة دافئة؛ لذلك يفضل وجود المحطات النووية على مياة بحار ومحيطات او انهار- ولكن فى الانهار بدرجة اقل لأن النهر معدل تدفقه قليل – ويوجد بعض الحساسيات لتسخينه لكن يصلح للتبريد.
و يضيف ، ان المحطات النووية بصورة خاصة مثل الضبعة تحتاج كل محطة واحدة 1200 ميجاوات ، الى كمية كبيرة من التبريد خاصاً فى الدائرة الاخيرة – دائرة المكثف “دائرة التبريد الثالثة” ، فنأخد من البحر مياه التبريد اللازمة مع مراعاة الاشتراطات البيئية اللازمة.
و حول إمكانية عمل محطات نووية فى حالة عدم وجود مصدر مائى ، على سبيل المثال فى الصحراء ، يقول ابو شادى ، نظرياً يمكن ذلك ، و فى هذه الحالة يتم الإستعانة بأبراج تبريد لكى تكون دائرة التبريد مغلقة، لذلك هناك ابراج تبريد ضخمة جدا تنزل فيها المياه لتبريدها ثم اخذها مرة تانية ، و لكن تكاليفها عالية جدا ، لذلك يفضل وجود محيط او بحر او نهر. وهو ما يتوافر في موقع الضبعة، لذلك محطة الضبعة النووية ليست في حاجه لأبراج تبريد.
و حول مدى التاثير البيئى على البيئة البحرية المتواجد على ضفاف محطة توليد الطاقة نووية ، يؤكد وكبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا ، أن الموضوع ليس له علاقة بالتوليد النووى ، حيث ان دائرة التبريد ليس لها اشعاعات نووية ، و هى بعيدة عن المفاعل النووي نفسه، و يفصلها دائرتين مغلقتين حيث أن دائرة التبريد الأساسية والثانوية للمفاعل تكون مغلقة والدائرة الثالثة تكون مفتوحة وليس بها إشعاع ولا أي تأثيرات على البيئة ، موضحا ان هناك قانون ينص على الحدود المسموح بها ويتم التصميم والتشغيل بناءا عليها في المحطات النووية.
و طرح ابو شادى مثالا على ذلك ، قائلا : ” تبرز مسابقة الصيادين الدولية التي تنظمها شركة “روساتوم” الحكومية الروسية للطاقة الذرية، حقيقة أن محطات الطاقة النووية آمنة بالنسبة للأنظمة البيئية المائية والساحلية على حد سواء ، حيث احتل فريق صيادين من محافظة مطروح المصرية المرتبة الأولى بالمسابقة التي أقيمت عام 2019 ، في حوض خليج فنلندا بالقرب من محطة “لينينغراد” للطاقة النووية ، و إلى جانب الفريق المصري شارك في الحدث متسابقون من هنغاريا والهند وبنغلاديش وتركيا ، وكان أحد أهداف المشروع إظهار سلامة محطات الطاقة النووية للنباتات والحيوانات الموجودة في المسطحات المائية القريبة من المحطات ، و أثناء المسابقة اصطاد المشاركون الأسماك بأيديهم، ثم خضعت تلك الأسماك للفحوص من قبل أخصائي مراقبة الإشعاع لكي تمكن المتسابقون من التأكد من تجربتهم الخاصة أن محطة الطاقة النووية لا تؤثر على البيئة في المنطقة” .
و حول المعايير التى يأخذها متخذ القرار عند اختيار موقع مقترح لانشاء محطة نووية ، يقول خبير الطاقة النووية : ” هناك عوامل أساسية فى اختيار الموقع لبناء المفاعل ، و
يوجد معايير كثيرة من اهمها” :
1.وجود مصدر مائى للتبريد كوجود بحار او الانهار.
2.ان يكون هذا الموقع ليس له تاريخ كبير من حدوث الزلازل او طوالق لان معالجتها صعبة.
3.يجب ان تكون تيارات الهواء لها معدلات معينة لا تتخطاها.
4.معيار الكثافة السكنية ، حيث لا يجب بناء مفاعل نووى فى منطقة مزدحمة بالسكان.
5. يجب مراعاة التربة التى يتم بناء المفاعل عليها ، و ان لا يكون فيها ظواهر تحت الارض او تشكيلات تؤثر على قوة تحمل المفاعل نفسه عليها.
و ختم أبو شادى حديثه قائلا ” كما نرى كم و عدد المفاعلات التى يصلح البناء فيه؛ نحن فى محطة الطاقة النووية فى الضبعة بمحافظة مطروح التى يتم بناءها من قبل الجانب الروسي “روساتوم” ، نقوم ببناء 4 مفاعلات ولكن من الممكن بناء 8 مفاعلات ايضاً ، كل ذلك يتم من خلاله تحديد مواصفات الموقع نفسه” .