نجح قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، في تحقيق انجازات عالمية، وذلك بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، إذ سعى القطاع خلال السنوات الماضية لحل الكثير من المشكلات والأزمات التي كانت تواجهها مصر في مختلف المجالات والقطاعات.
ويعد قطاع الطاقة يعد الركيزة الأساسية لإحداث التنمية الشاملة في كافة المجتمعات، وشريان التنمية في شتى مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية، كما تعتبر مسألة حاسمة لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي، وتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي، ولهذا فهي من أهم ركائز الأمن القومي المصري، حيث ترتبط خطط التنمية المستدامة الشاملة في جميع المجالات بِقُدرة الدولة على توفير موارد الطاقة اللازمة لتنفيذ هذه الخطط، وتسعى الدولة جاهدةً للحفاظ على موارد الطاقة، وتعظيم الاستفادة منها.
تكلفة الكهرباء المولدة من الطاقة المختلفة
وفي هذا الصدد، كشف الخبير علي عبد النبي، نائب رئيس هيئة المحطات النووية، في تصريحات خاصة لـ«مصر 203»، عن تكلفة الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المختلفة ومن بينها الطاقة النووية، مؤكدًا أن الدراسات التي نشرت مؤخرًا تشير إلى أن منظومات المستقبل للطاقة الكهربائية ستحتاج إلى الاعتماد على مزيج يجمع بين كافة تقنيات توليد الطاقة منخفضة الكربون المتاحة مثل الطاقة الشمسية والطاقة النووية وطاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية بالإضافة إلى الطاقة الكهرومائية وطاقة الوقود الأحفوري المصاحبة بتقنيات التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون لكي تتمكن الدول من تحقيق أهدافها البيئية بالطرق الأكثر فعالية من حيث التكلفة.
وأوضح عبد النبي، أنه لا تزال تكاليف التوليد على مستوى محطات الطاقة عاملًا هامًا، لافتًا إلى أنه على الرغم من الإنجازات الهامة المحرزة في الآونة الأخيرة في هذا المجال من قبل الشركات التي تستخدم مصادر الطاقة المتجددة المتغيرة وبينها محطات إنتاج الطاقة من طاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية (الشمسية)، فإن مثل هذه المصادر لتوليد الطاقة ليست قادرة بعد على التنافس بالكامل مع الطاقة النووية من حيث المؤشر المذكور أعلاه إلا إذا كانت الظروف مواتية بشكل خاص.
وأشار أيضًا أنه من المفترض انطلاقا من الخصائص المتأصلة في طبيعة مصادر الطاقة المتجددة المتغيرة وقبل كل شيء طبيعتها المتقلبة والمتقطعة وبدرجة أقل تَميّزها بعدم القابلية للتنبؤ، أن تكاليف المنظومة التي تعتمد عليها ككل ستستمر في الارتفاع متجاوزة حدود الإنفاق الإجمالي على مستوى محطات إنتاج الطاقة الكهربائية.
أما مساهمة الطاقة النووية والطاقة الكهرومائية باعتبارهما من أهم تقنيات توليد الطاقة منخفضة الكربون التي يمكن التحكم بها، في معالجة مشكلة التكاليف فتكمن في قدرتها على إنتاج كميات كبيرة من الطاقة في أي وقت وبطريقة يمكن التنبؤ بها وتتسم بمستوى منخفض من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تطلقها، بما يلبي احتياجات المنازل وقطاع الصناعة من الطاقة.
كما أوضح أنه عند المقارنة في هذا السياق بين الطاقة المتجددة المتغيرة والطاقة النووية لا بد من الإشارة إلى بعض المعايير الفنية والاقتصادية التي تميز مصادر الطاقة المتجددة المتغيرة وتعتبر العناصر الأساسية لفهم التكاليف الكلية المرتبطة بتركيب هذه المصادر.
تتفاوت قدرة الطاقة المولدة باستخدام المصادر المتجددة المتغيرة تبعا لتوافر الموارد (الرياح وأشعة الشمس) وليست لها صلة بالطلب على الطاقة أو احتياجات المنظومة الكهربائية. بالإضافة إلى ذلك من المستحيل التنبؤ بدقة بكمية الطاقة المنتجة منها.
وبالتالي، فإن ناتج القدرة الكهربائية لمصادر الطاقة المتجددة المتغيرة متقلب ولا يمكن التنبؤ به.
ووفقًا لتقرير أعدته وكالة الطاقة النووية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (NEA) والوكالة الدولية للطاقة (IEA) بعنوان “التكاليف المتوقعة لتوليد الكهرباء – إصدار 2020″، فإن تكلفة إنتاج الكهرباء باستخدام تقنيات منخفضة الكربون تتراجع لتكون أقل من تكلفة الإنتاج من الوقود الأحفوري، وتظل تكلفة الكهرباء المولدة في محطات الطاقة النووية الجديدة مستقرة مع ذلك تشكل الكهرباء المستمدة من التشغيل طويل الأجل للمحطات النووية الحالية الخيار الأقل تكلفة لتوليد الكهرباء منخفضة الكربون، ويتوقع التقرير انخفاض تكلفة الكهرباء المنتجة في المحطات النووية في المستقبل القريب.
وفيما يتعلق بمحطات التوليد العاملة على المصادر الأحفورية أو الوقود النووي والتي لديها توربينات ومولدات ذات قدرات كبيرة (بسرعة 1500 – 3000 دورة في الدقيقة)، أشار الخبير علي عبد النبي إلى أنها تعتبر مهمة جدا لاتزان الشبكة، فهذه المحطات تستطيع امتصاص الاهتزازات العابرة في شبكة الكهرباء بينما لا تستطيع محطات الطاقة المتجددة المتغيرة القيام بذلك.
كما كشف بأن العمر التشغيلي لمحطة الطاقة النووية طويل ويبلغ حاليا 60 عامًا، وستغطي المحطة التكاليف المنفقة على إنشائها في غضون 15 عاما من بدء التشغيل وخلال السنوات الـ 45 التالية ستحقق أرباحًا سيحول جزء منها لدفع رواتب الموظفين وتغطية الإنفاق السنوي على الوقود النووي، وبالتالي، تعتبر محطة الطاقة النووية مشروعا استثماريا أيضا.
ونوه بأن محطة الطاقة النووية هي البديل الوحيد للمحطات العاملة على الوقود الأحفوري بما فيها محطات الغاز الطبيعي. وبفضل المحطات النووية يمكن إيقاف تشغيل محطات توليد الكهرباء بالمكابس الغازية ما يتيح الحفاظ على الغاز الطبيعي وتحويله للاحتياجات الأخرى وتوفير 400 مليون دولار سنويا. يبلغ الإنفاق السنوي على الوقود النووي 60 مليون دولار ما يعادل توفير 340 مليون دولار.
كما أن هذا الغاز لو استخدم في صناعة البتروكيماويات وصناعة الأسمدة سوف يحقق أرباحا تصل قيمتها إلى 9 أضعاف بالمقارنة مع استخدامه كوقود في محطات الطاقة.
وتسهم محطة الطاقة النووية في تحقيق المعايير البيئية المنشودة حتى عام 2050 والرامية إلى دخول البشرية إلى عالم خالٍ من الكربون. وهذا المطلب لا يتحقق من خلال المحطات العاملة بالغاز الطبيعي.
ومن المخطط أن تكون محطة الضبعة للطاقة النووية التي تبنيها شركة “روساتوم” الحكومية الروسية للطاقة النووية، البديل الوحيد لمحطات الطاقة التي تعمل بالغاز الطبيعي في مصر وتستهلك 60% من إجمالي الغاز الطبيعي المنتج في البلاد. يعتبر الغاز الطبيعي أحد الموارد التي يجب الحفاظ عليها للأجيال القادمة فهو أحد أسس التنمية المستدامة.
واستكمل حديثه قائلًا:«ينبغي عدم نسيان الجانب الاقتصادي للمشاريع النووية. صحيح أن إنشاء محطات الطاقة النووية باهظ الثمن لكن تشغيلها أرخص بكثير من تشغيل محطات الوقود الأحفوري. وعادة ما يتم تضمين كامل تكاليف التخلص من النفايات المشعة والإخراج من الخدمة في التكاليف التشغيلية، وإذا أخذنا في الاعتبار أيضا السلبيات الاجتماعية والطبية والبيئية للصناعات التي تستخدم الوقود الأحفوري، فإن القدرة التنافسية للطاقة النووية تزداد بشكل كبير، وتظل الطاقة النووية طوال دورة حياتها مصدرا ناجعا لتوليد الكهرباء من حيث التكلفة، كما أنها تجمع بين فوائد السلامة والموثوقية متميزةً بمستوى منخفض لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري».