قال الدكتور على عبدالنبى، نائب رئيس هيئة المحطات النووية السابق، إن مبادئ تشغيل مفاعل نووى للأبحاث تختلف عن تشغيل محطة للطاقة النووية، وأعلن خلال، حواره مع «المصرى اليوم»، أن حياة من يعيش بالقرب من محطة للطاقة النووية لا تختلف عن حياة أناس آخرين، مشيرا إلى أن مفاعلات الأبحاث صغيرة الحجم، تستخدم لأغراض صناعية، لافتًا إلى أن هذه المفاعلات تستخدم لإنتاج النيوترونات.
■ هل يوجد اختلاف بين نمط الحياة بجانب مفاعل نووى عن نفس النمط لدى شخص يعيش بعيدا عن محيط مفاعل نووى؟
– لا يوجد اختلاف فى نمط الحياة اليومية، بين شخص يعيش بجوار مفاعل نووى، وآخر يعيش بعيدًا عن مفاعل نووى.
المفاعل النووى، مصدر طاقة نظيف وآمن، فلا توجد انبعاثات للغازات الدفيئة، فهو مكان صحى للإعاشة، يقل فيه معدل الإصابة بالأمراض، كما أن الكثافة السكانية فى محيط المفاعل تعتبر قليلة، وعدد السيارات فى محيطه سيكون قليلا، ويقل معه التلوث الناتج من عادم السيارات.
وهذه المناطق تحظى باهتمام الدولة والمحافظة التى تتبعها، بالتالى نجد أن الخدمات فى هذه المناطق ستكون متوفرة وبمستوى عال وراق، سواء كانت خدمات معيشية، مثل السكن والأكل والشرب والملبس وخلافه، أو كانت خدمات صحية، فستكون على مستوى عالمى، من خلال مستشفيات وخدمات طبية متطورة، أو خدمات تعليمية، أو ترفيهية.
وسوف تشهد هذه المناطق رواجا فى التجارة والزراعة والصناعة والسياحة، ونتوقع أن يكون مستوى المعيشة فى منطقة الضبعة، التى سوف تتولى شركة روساتوم إنشاء المفاعل النووى فيها، أعلى منه، فى مدن أخرى.
■ ما هو المفاعل النووى البحثى؟ وما تخصصه؟
– مفاعلات الأبحاث صغيرة الحجم، ولا تستخدم لإنتاج الطاقة الكهربائية أو الطاقة الحرارية لأغراض صناعية، ومعظم هذه المفاعلات تستخدم لإنتاج النيوترونات، حيث يتم توجيه فيض النيوترونات من قلب المفاعل عبر قنوات من الأنابيب، وفى نهاية الأنابيب توضع أجهزة البحوث المختلفة فى صالة تحيط بالمفاعل، تسمى صالة القياسات والتجارب، حيث تتم فيها القياسات والأبحاث. وفيض النيوترونات يستخدم فى دراسة تشتت النيوترونات على المواد المختلفة، ومعظم مفاعلات الأبحاث من نوع الحوض المفتوح، والمفاعل عبارة عن حوض ماء من الخرسانة المسلحة، سمكه لا يقل عن 2 متر، وارتفاعه أكثر من 4 أمتار، مع حوض داخلى من الحديد والصلب، وفى أسفل الحوض يوجد قلب المفاعل الذى يحتوى على الوقود النووى.
وفى أماكن محددة على حواف قلب المفاعل، توضع عينات من عناصر معينة، بغرض إنتاج نظائر مشعة، تستخدم فى الصناعة والزراعة والطب، سواء فى التشخيص أو العلاج، وإجراء اختبارات لا إتلافية على الأجزاء المعدنية المصنعة.
■ هل تكون نفس مكونات المفاعل النووى البحثى هى نفسها فى المفاعل الحقيقى؟
– مكونات مفاعلات الأبحاث تتشابه مع مفاعلات إنتاج الكهرباء، فى استخدامها للوقود النووى، وفى وجود قلب للمفاعل بداخله وقود نووى، وفى تبريد الوقود النووى بوضعه داخل وعاء به ماء لتبريد الوقود النووى، وفى التحكم فى الانشطار النووى، من خلال غرفة تحكم، وهناك اختلافات كثيرة بين مفاعلات الأبحاث ومفاعلات إنتاج الكهرباء، حيث تستخدم مفاعلات الأبحاث كميات أقل من الوقود النووى، قلب المفاعل صغير، بالتالى فإن كميات النفايات المشعة قليلة، وتحتاج مفاعلات الأبحاث وقودا نوويا مخصبا، قد يصل إلى 20% من اليورانيوم- 235.
وهناك مفاعلات تستخدم وقودا نوويا مخصبا يصل إلى 90%، أما مفاعل إنتاج الكهرباء، فكمية الوقود النووى كبيرة وقلب المفاعل كبير ويعمل بوقود نووى مخصب بنسبة تتراوح ما بين 2% و4%.
■ ماذا عن اختلاف حجم المفاعلات؟
– نظرا لطبيعة مفاعلات الأبحاث، فالأحجام الصغيرة منها تتواجد فى الجامعات، والأحجام الكبيرة تتواجد فى مراكز أبحاث خاصة، وبالنسبة لمفاعلات إنتاج الكهرباء، هناك مواقع خاصة بها، ويشترط فى هذه المواقع وجود كميات كافية من المياه لعمليات التبريد (بحار مفتوحة أو أنهار)، ويشترط أن يكون الموقع بعيدا عن حزام الزلازل، والفوالق الأرضية، بمسافة 10 كيلومترات، وبعيدا عن الكثافة السكانية.
ونظرا لاختلاف الاستخدام، بين مفاعل الأبحاث ومفاعل توليد الكهرباء، نجد أن دائرة تبريد الوقود النووى فى مفاعلات الأبحاث، دائرة صغيرة وبسيطة، ودرجة حرارة مياه التبريد فى حدود 50 درجة مئوية، ويعمل عند الضغط الجوى الطبيعى (1 بار)، لكن دائرة تبريد مفاعل إنتاج الكهرباء كبيرة ومعقدة، فالمفاعل يعمل عند درجة حرارة فى حدود 325 درجة مئوية، وعند ضغط فى حدود 150 ضغط جوى (150 بار)، ولضبط ضغط مياه تبريد الوقود النووى فى دائرة تبريد الوقود يستخدم ضاغط.
ويستخدم الوقود النووى فى مفاعلات الأبحاث، لإنتاج فيض من النيوترونات، تستخدم فى الأبحاث، فيما يستخدم الوقود النووى فى مفاعلات إنتاج الكهرباء، لتسخين مياه التبريد، نحو 325 درجة مئوية، وتستخدم فى توليد بخار فى مولدات البخار، وهذا البخار يستخدم فى دوران التوربينة، ومع دوران التوربينة يدور معها مولد الكهرباء، وينتج كهرباء، ومن خلال محولات الرفع الكهربائية يتم ضخ الكهرباء المنتجة فى شبكة الكهرباء الموحدة.
■ ما الفرق بين محطة للطاقة النووية مجهزة بوحدة طاقة واحدة وتلك التى تعمل فيها مفاعلات عديدة؟
– من الممكن أن يكون موقع المحطة النووية به مفاعل نووى واحد، ومن الممكن أن يكون به أكثر من مفاعل نووى، سواء من نفس النوع ونفس القدرة أو مختلفين فى النوع وفى القدرة الكهربائية.
الموقع الذى يحتوى على مفاعل نووى واحد، يحتاج مياه تبريد، إذا كانت قدرته 1000 ميجاوات، فهو فى احتياج إلى 50 متر مكعب من المياه فى الثانية، هذه المياه تتوفر عن طريق قناة مدخل متصلة بالبحر أو النهر، وإذا كان الموقع على نهر، فهو فى احتياج لبرج أو برجين للتبريد، سوف ترتفع درجة حرارة مياه التبريد، بعد نجاح عملية التبريد، وسوف تخرج فى قناة مفتوحة وتصب فى البحر أو النهر وفى مكان بعيد عن قناة مدخل مياه التبريد، أو تخرج فى مواسير ممدودة داخل مياه البحر، وتصب بعيدا عن قناة المدخل. لو زاد فى الموقع عدد المفاعلات النووية، إذًا كميات مياه التبريد سوف تزداد، وسوف تختلف قناة مدخل مياه التبريد وقناة المخرج.
وتجدر الإشارة إلى أن المدنيين، الذين يعيشون على بعد 80 كم من المفاعل، يتلقون جرعة مجمعة سنوية مقدارها 0.1 ميكروسيفرت، وهى جرعة صغيرة جدا، مقارنة بما يتلقاه الشخص العادى من الإشعاع الكونى الطبيعى، الذى لا يقل عن 260 ميكروسيفرت فى السنة.
والعمالة المطلوبة لتشغيل وصيانة مفاعل نووى واحد، قدرته 1000 ميجاوات، فى حدود 500 فرد، مطلوب لهم أماكن إعاشة وخدمات وأماكن ترفيه ومستشفيات ومدارس وخلافه. لو زاد فى الموقع عدد المفاعلات النووية، إذًا سوف تزداد هذه المرافق.
كما أن الربط الكهربى مع الشبكة الموحدة، يختلف من توصيل كهرباء مفاعل نووى واحد بالشبكة الكهربائية، أو توصيل كهرباء عدد من المفاعلات النووية بالشبكة الكهربائية، من ناحية خطوط الربط، واتزان الشبكة عند الخروج القصرى للمفاعلات من التشغيل، بالإضافة إلى أن هناك اختلافا فى كميات تخزين الوقود النووى المحترق، والحماية المادية، وقوات تأمين الموقع، وخطط الطوارئ النووية.