فى خطاب مناشدتهم عبّر القادة الأوروبيون عن تقديرهم البالغ للجهود المستمرة للاتحاد الأوروبى لبلوغ التعادلية المناخية Climate Neutrality بحلول عام 2050، فى إطار غاية أساسية للاتحاد الأوروبى بالوصول إلى خفض فى الانبعاثات المحلية للغازات الدفيئة مقداره 55% بحلول عام 2030 مقارنة بمستوى الانبعاثات عام 2000.
وأوضح القادة أن اهتمامهم يتجه على الأخص إلى الاعتبار الذى لم يعد يترك إلا القليل أمام وضع السياسات الداخلية حيال المسار المحدد حاليا لإحراز هذه الغاية، وفقا للظروف الخاصة بكل دولة أوروبية على حدة؛ وإنهم لعلى قناعة كبيرة بأن جميع التكنولوجيات المتاحة صفرية أو منخفضة الانبعاثات التى تساهم فى التعادلية المناخية، وتدعم فى الوقت ذاته الأهداف الأخرى لسياسات الطاقة، يجب ألا يتم أخذها فى الاعتبار فقط، ولكن يتعين دعمها أيضا بواسطة الاتحاد الأوروبى؛ وذلك يليق على الأخص بالدول الموجود لديها مفاعلات نووية، التى تعتبر تنميتها واحدة من الأهداف الرئيسية للاتفاقية التى أنشأت الجماعة الأوربية، والتى تلزم مؤسسات الاتحاد الأوروبى بالارتقاء بها على نحو دائم.
كذلك فالمفوضية الأوروبية فى سياق مساعداتها للدول الأوروبية أدركت تطور ونمو ومساهمة الطاقة النووية كهدف ذى أهمية مشتركة، حتى ولو لم يكن يشكل مسعى ثابتا لكل الدول الأعضاء، فى الوقت الذى أكدت فيه محكمة العدل للاتحاد الأوروبى فى قرار حديث بشأن مشروع هيكلى أن الطاقة النووية بالإمكان أن تنال دعم المساعدات الممنوحة للدول، وأن الطاقة النووية لا تساوم على الأهداف البيئية للاتفاقية فى تفعيل التعاون داخل الاتحاد الأوروبى، وعلى ذلك فكل دولة أوروبية لها الحرية فى تطوير القدرة النووية أو الكف عنها فى علاقة تبادلية مشتركة، بغض النظر عن الخيارات السياسية للدول الأعضاء الأخرى.
وتبدو الطاقة النووية مصدرا واعدا جدا للهيدروجين منخفض الكربون بأسعار رخيصة أو اقتصادية، وتؤدى فى الوقت ذاته دورا رئيسيا فى تكامل قطاع الطاقة، كما تولد عددا كبيرا من فرص الأعمال المستقرة، ذات النوعية العالية، التى ستكون فى غاية الأهمية للتعافى فيما بعد جائحة كورونا.
وفى ضوء هذه الحقائق المؤكدة أبدى القادة الأوروبيون تخوفهم البالغ من أن حق الدول الأعضاء فى الاختيار بين المصادر المتعددة للطاقة، وحقها فى تحديد هيكل الإمداد بالطاقة (وفقا للمادة 194 من اتفاقية الاتحاد الأوروبى)، لا يزال محدودا على نحو جسيم فى صنع القرار بالاتحاد الأوروبى، الذى يستثنى خيار الطاقة النووية وينتزعها من السياسات الجديدة، وعلى ذلك طالبوا بقوة دعم بحوث وتنمية الطاقة النووية التى تعززت فى الاتفاقيات السياسية الحديثة حول برامج البحوث والتطوير الأوروبية.
ورحب القادة الأوروبيون بالتصريح الأخير لنائب رئيس الوكالة الدولية للطاقة IEA تجاه الأفكار الكبرى التى تطرحها الوكالة فيما يتعلق بالتعادلية التكنولوجية Technology Neutrality للمفوضية الأوروبية.
وناشد القادة الأوروبيون المفوضية الأوروبية أن تؤكد على نحو قاطع أن سياسة الاتحاد الأوروبى للطاقة والمناخ تستوعب جميع المسارات المؤدية للتعادلية المناخية، بناء على مبادئ التعادلية التكنولوجية، وفى هذا السياق يجب أن تُعَامَل جميع التكنولوجيات المستقبلية، صفرية الانبعاثات وخفضها، على قدم المساواة فى جميع السياسات، بما فى ذلك تصنيف الاستثمارات المستدامة، ابتغاء الوصول إلى التعادلية المناخية بحلول عام 2050.
فى ختام مناشدتهم القوية لإحياء أهمية الخيار النووى فى مزيج الطاقة الأوروبية قال دكتور ماهر عزيز عضو مجلس الطاقة العالمى وكبير مستشارى الطاقة والبيئة وتغير المناخ إن هناك تأكيدا من القادة الأوروبيين بالتزامهم المُطلق بالانتقال الأخضر، وانفتاحهم للتبادل المستمر للآراء، والحوار الخلاق، حول الجدوى الأساسية والجوهرية للقوى النووية فى مزيج الطاقة الأوروبية.
وفى هذا دليل دامغ على النظرة العامة التى ينظر إليها الأوروبيون للحاجة إلى الطاقة النووية كبديل مثالى ضمن البدائل المطروحة لتلبية احتياجات قارة أوروبا من الطاقة، نظرا للعديد من العوامل مثل نظافته، وعدم وجود انبعاثات منها، واقتصادياته فى التشغيل التى أصبحت متوازنة وفعالة وتحقق أقصى استفادة
وتسعير معقول للطاقة المنتجة منه. ويضاف إلى ذلك عوامل الأمان المثالية وطول عمر واقتصاديات التشغيل ومثال على ذلك النموذج الذى أبهر العالم أجمع فى تحقيق كل نلك العوامل معا وهو مفاعل VVER 1200 الذى تنتجه وتقيمه شركة روساتوم الروسية وحاليا أصبح خيارا مفضلا لدى العديد من الدول لما له من عوامل تحقق تلك المعادلة الصعبة.